وقفت أمام المرآة لترى ...فستانها الأحمر القصير... وهي تحرك رأسها بعنف لتشعر بتطاير خصلات شعرها المسدولة على كتفيها لأول مرة...والفرحة تغمرها...فقد وافقت والدتها اليوم على تخليص شعرها المتموج من تلك الإكسسوارات التي دائماً ما كانت تقيده....
التفتت فرح إلى أمها التي كانت تجلس على ركبتيها خلفها و هي تنظر إلى ابنتها بحب ٍ وفخر... اقتربت أكثر فأحاطت ذراعيها برقبة والدتها لتقبل وجنتها...
"العيد جميل يا أمي أليس كذلك؟!"
حركت والدتها رأسها بالإيجاب وهي تتأمل صغيرتها التي لم تكمل سنتها السادسة بعد...
أطلقت فرح كلمات سؤال آخر والبراءة ترفرف حوله" أتحبين العيد كما أحبه؟"
" بالتأكيد ولكني أحبك ِأكثر يا فرح "
ضحكت الصغيرة في خجل ثم قالت " وأنا أحبكِ أيضاً"
تذكرت فرح حقيبتها الصغيرة التي وضعتها لها أمها على كتفيها.... فجلست وهمت بإنزالها على الأرض كي ترى ما فيها...
وجدت عشرة ريالات...وحلويات قد اشترتها لها والدتها بالأمس دون أن تعلم...
بانت الفرحة على ملامحها أكثر من ذي قبل بعد أن رأت ما في حقيبتها....
رفعت نظراتها إلى والدتها وقالت "أنا فرحة جداً يا أمي ،سأنتظر مجيء أبي كي أريه ما أحضرتي لي،وأطلب منه هدية العيد"
لم تنطق والدتها لكنها تمنت لو كانت تستطيع إخبارها بأن لا تنتظره، وأن لا تبني آمالاً لا جدوى منها... لكنها لم تجد القوة داخلها لوأد كل هذه الفرحة التي تغمر صغيرتها الآن...
سمعا صوت الباب ...فرسمت فرح ابتسامتها الواسعة...وأخذت حقيبتها ..ثم بدأت تركض خارج الغرفة متجهة نحو الباب...
"أبي ...أب..." لم تكمل كلماتها بعد أن رأته يجلس مسنداً ظهره على الباب بين إغفاءة و صحوة
قرَّبت وجهها من وجهه فاختلطت رائحة أنفاسه النتنة بأنفاسها...
عقدت حاجبيها بعد أن أزعجتها تلك الرائحة...ولكن حاجتها للهدية طغت على ما رأته و شعرت به... فواصلت حديثها "أبي أين هدية العيد ؟أبي ...أبي"
رفع يده بسرعة وصفعها بكل قوة لتسقط على الأرض...وهو يقول بتثاقل " اب...تع...دي"
********************
و أنهت كأس خمر...فرحة طفلة...
فرحة فرح...